الأحد، 25 سبتمبر 2022

أَلا لَيتَ رَيعانَ الشَبابِ جَديدُ جميل بثينة

أَلا لَيتَ رَيعانَ الشَبابِ جَديدُ

وَدَهراً تَوَلّى يا بُثَينَ يَعودُ

فَنَبقى كَما كُنّا نَكونُ وَأَنتُمُ

قَريبٌ وَإِذ ما تَبذُلينَ زَهيدُ

وَما أَنسَ مِنَ الأَشياءِ لا أَنسَ قَولَها

وَقَد قُرِّبَت نَضوي أَمِصرَ تُريدُ

وَلا قَولَها لَولا العُيونُ الَّتي تَرى

لَزُرتُكَ فَاِعذُرني فَدَتكَ جُدودُ

خَليلَيَّ ما أَلقى مِنَ الوَجدِ باطِنٌ

وَدَمعي بِما أُخفي الغَداةَ شَهيدُ

أَلا قَد أَرى وَاللَهِ أَن رُبَّ عُبرَةٍ

إِذا الدار شَطَّت بَينَنا سَتَزيدُ

إِذا قُلتُ ما بي يا بُثَينَةُ قاتِلي

مِنَ الحُبِّ قالَت ثابِتٌ وَيَزيدُ

وَإِن قُلتُ رُدّي بَعضَ عَقلي أَعِش بِهِ

تَوَلَّت وَقالَت ذاكَ مِنكَ بَعيدُ

فَلا أَنا مَردودٌ بِما جِئتُ طالِباً

وَلا حُبُّها فيما يَبيدُ يَبيدُ

جَزَتْكِ الجَوازي يا بُثَينَ سَلامَةً

إِذا ما خَليلٌ بانَ وَهُوَ حَميدُ

وَقُلْتُ لَها بَيني وَبَينَكِ فَاِعلَمي

مِنَ اللَهِ ميثاقٌ لَهُ وَعُهودُ

وَقَد كانَ حُبّيكُم طَريفاً وَتالِداً

وَما الحُبُّ إِلّا طارِفٌ وَتَليدُ

وَإِنَّ عَروضَ الوَصلِ بَيني وَبَينَها

وَإِن سَهَّلَتهُ بِالمُنى لَكَؤودُ

وَأَفنَيتُ عُمري بِاِنتِظارِيَ وَعدَها

وَأَبلَيتُ فيها الدَهرَ وَهوَ جَديدُ

فَلَيتَ وُشاةَ الناسِ بَيني وَبَينَها

يَدوفُ لَهُم سُمّاً طَماطِمُ سودُ

وَلَيتَهُمُ في كُلِّ ممسىً وَشارِقٍ

تُضاعفُ أَكبالٌ لَهُم وَقُيودُ

وَيَحسَبُ نِسوانٌ مِنَ الجَهلِ أَنَّني

إِذا جِئتُ إِيّاهُنَّ كُنتُ أُريدُ

فَأَقسِمُ طَرفي بَينَهُنَّ فَيَستَوي

وَفي الصَدرِ بَونٌ بَينَهُنَّ بَعيدُ

أَلا لَيتَ شِعري هَل أَبيتَنَّ لَيلَةً

بِوادي القُرى إِنّي إِذَن لَسَعيدُ

وَهَل أَهبِطَن أَرضاً تَظَلُّ رِياحُها

لَها بِالثَنايا القاوِياتِ وَئيدُ

وَهَل أَلقَيَن سُعدى مِنَ الدَهرِ مَرَّةً

وَما رَثَّ مِن حَبلِ الصَفاءِ جَديدُ

وَقَد تَلتَقي الأَشتاتُ بَعدَ تَفَرُّقٍ

وَقَد تُدرَكُ الحاجاتُ وَهيَ بَعيدُ

وَهَل أَزجُرَن حَرفاً عَلاةً شِمِلَّةً

بِخَرقٍ تُباريها سواهِمُ قودُ

عَلى ظَهرِ مَرهوبٍ كَأَنَّ نَشوزَهُ

إِذا جازَ هُلّاكُ الطَريقِ رُقودُ

سَبَتني بِعَينَي جُؤذُرٍ وَسطَ رَبرَبٍ

وَصَدرٌ كَفاثورِ اللُجَينِ وَجيدُ

تَزيفُ كَما زافَت إِلى سَلِفاتِها

مُباهِيَةٌ طَيَّ الوِشاحِ مَيودُ

إِذا جِئتُها يَوماً مِنَ الدَهرِ زائِراً

تَعَرَّضَ مَنفوضُ اليَدَينِ صَدودُ

يَصُدّ وَيُغضي عَن هَوايَ وَيَجتَني

ذَنوباً عَلَيها إِنَّهُ لَعَنودُ

فَأَصرِمُها خَوفاً كَأَنّي مُجانِبٌ

وَيَغفلُ عَنّا مَرَّةً فَنَعودُ

وَمَن يُعطَ في الدُنيا قَريناً كَمِثلِها

فَذَلِكَ في عَيشِ الحَياةِ رَشيدُ

يَموتُ الهَوى مِنّي إِذا ما لَقيتُها

وَيَحيا إِذا فارَقتُها فَيَعودُ

يَقولونَ جاهِد يا جَميلُ بِغَزوَةٍ

وَأَيَّ جِهادٍ غَيرُهُنَّ أُريدُ

لِكُلِّ حَديثٍ بَينَهُنَّ بَشاشَةٌ

وَكُلُّ قَتيلٍ عِندَهُنَّ شَهيدُ

وَأَحسَنُ أَيّامي وَأَبهَجُ عيشَتي

إِذا هيجَ بي يَوماً وَهُنَّ قُعودُ

تَذَكَّرتُ لَيلى فَالفُؤادُ عَميدُ

وَشَطَّت نَواها فَالمَزارُ بَعيدُ

عَلِقتُ الهَوى مِنها وَليداً فَلَم يَزَل

إِلى اليَومِ يَنمي حُبُّها وَيَزيدُ

فَما ذُكِرَ الخلّانُ إِلّا ذَكَرتُها

وَلا البُخلُ إِلّا قُلتُ سَوفَ تَجودُ

إِذا فَكَّرَت قالَت قَدِ اِدرَكتُ وُدَّهُ

وَما ضَرَّني بُخلي فَكَيفَ أَجودُ

فَلَو تُكشَفُ الأَحشاءُ صودِفَ تَحتُها

لبَثنَةَ حُبٌّ طارِفٌ وَتَليدُ

أَلَم تَعلَمي يا أُمَّ ذي الوَدعِ أَنَّني

أُضاحِكُ ذِكراكُم وَأَنتِ صَلودُ

فَهَل أَلقَيَن فَرداً بُثَينَةَ لَيلَةً

تَجودُ لَنا مِن وُدِّها وَنَجودُ

وَمَن كانَ في حُبّي بُثَينَةَ يَمتَري

فَبَرقاءُ ذي ضالٍ عَلَيَّ شَهيدُ

عنترة بن شداد / رمت الفؤاد مليحة العذراء


 

رمتِ الفؤادَ مليحة ٌ عذراءُ
بسهامِ لحظٍ ما لهنَّ دواءُ

مَرَّتْ أوَانَ العِيدِ بَيْنَ نَوَاهِدٍ
مِثْلِ الشُّمُوسِ لِحَاظُهُنَّ ظِبَاءُ

فاغتالني سقمِى الَّذي في باطني
أخفيتهُ فأذاعهُ الإخفاءُ

خطرتْ فقلتُ قضيبُ بانٍ حركت
أعْطَافَه ُ بَعْدَ الجَنُوبِ صَبَاءُ

ورنتْ فقلتُ غزالة ٌ مذعورة ٌ
قدْ راعهَا وسطَ الفلاة ِ بلاءُ

وَبَدَتْ فَقُلْتُ البَدْرُ ليْلَة َ تِمِّهِ
قدْ قلَّدَتْهُ نُجُومَهَا الجَوْزَاءُ

بسمتْ فلاحَ ضياءُ لؤلؤ ثغرِها
فِيهِ لِدَاءِ العَاشِقِينَ شِفَاءُ


سَجَدَتْ تُعَظِّمُ رَبَّها فَتَمايلَتْ
لجلالهِا أربابنا العظماءُ

يَا عَبْلَ مِثْلُ هَواكِ أَوْ أَضْعَافُهُ
عندي إذا وقعَ الإياسُ رجاءُ

إن كَانَ يُسْعِدُنِي الزَّمَانُ فإنَّني
في هَّمتي لصروفهِ أرزاءُ

بَلينا وَما تَبلى النُجومُ الطَوالِعُ لبيد بن ربيعة

لبيد بن ربيعة

 

بَلينا وَما تَبلى النُجومُ الطَوالِعُ
وَتَبقى الجِبالُ بَعدَنا وَالمَصانِعُ
وَقَد كُنتُ في أَكنافِ جارِ مَضِنَّةٍ
فَفارَقَني جارٌ بِأَربَدَ نافِعُ

فَلا جَزِعٌ إِن فَرَّقَ الدَهرُ بَينَنا
وَكُلُّ فَتىً يَوماً بِهِ الدَهرُ فاجِعُ
فَلا أَنا يَأتيني طَريفٌ بِفَرحَةٍ
وَلا أَنا مِمّا أَحدَثَ الدَهرُ جازِعُ

وَما الناسُ إِلّا كَالدِيارِ وَأَهلُها
بِها يَومَ حَلّوها وَغَدواً بَلاقِعُ
وَما المَرءُ إِلّا كَالشِهابِ وَضَوئِهِ
يَحورُ رَماداً بَعدَ إِذ هُوَ ساطِعُ

وَما البِرُّ إِلّا مُضمَراتٌ مِنَ التُقى
وَما المالُ إِلّا مُعمَراتٌ وَدائِعُ
وَما المالُ وَالأَهلونَ إِلّا وَديعَةٌ
وَلا بُدَّ يَوماً أَن تُرَدَّ الوَدائِعُ

وَيَمضونَ أَرسالاً وَنَخلُفُ بَعدَهُم
كَما ضَمَّ أُخرى التالِياتِ المُشايِعُ
وَما الناسُ إِلّا عامِلانِ فَعامِلٌ
يُتَبِّرُ ما يَبني وَآخَرَ رافِعُ

فَمِنهُم سَعيدٌ آخِذٌ لِنَصيبِهِ
وَمِنهُم شَقِيٌّ بِالمَعيشَةِ قانِعُ
أَلَيسَ وَرائي إِن تَراخَت مَنِيَّتي
لُزومُ العَصا تُحنى عَلَيها الأَصابِعُ

أُخَبِّرُ أَخبارَ القُرونِ الَّتي مَضَت
أَدِبُّ كَأَنّي كُلَّما قُمتُ راكِعُ
فَأَصبَحتُ مِثلَ السَيفِ غَيَّرَ جَفنَهُ
تَقادُمُ عَهدَ القَينِ وَالنَصلُ قاطِعُ

فَلا تَبعَدَن إِنَّ المَنِيَّةَ مَوعِدٌ
عَلَيكَ فَدانٍ لِلطُلوعِ وَطالِعُ
أَعاذِلَ ما يُدريكَ إِلّا تَظَنِّيّاً
إِذا اِرتَحَلَ الفِتيانُ مَن هُوَ راجِعُ

تُبَكّي عَلى إِثرِ الشَبابِ الَّذي مَضى
أَلا إِنَّ أَخدانَ الشَبابِ الرَعارِعُ
أَتَجزَعُ مِمّا أَحدَثَ الدَهرُ بِالفَتى
وَأَيُّ كَريمٍ لَم تُصِبهُ القَوارِعُ

لَعَمرُكَ ما تَدري الضَوارِبُ بِالحَصى
وَلا زاجِراتُ الطَيرِ ما اللَهُ صانِعُ
سَلوهُنَّ إِن كَذَّبتُموني مَتى الفَتى
يَذوقُ المَنايا أَو مَتى الغَيثُ واقِعُ

 

أَطالَ اللَيلُ أَم طالَ المَقامُ /ايليا ابو ماضي

أَطالَ اللَيلُ أَم طالَ المَقامُ

أَمِ المَحزونُ شَمَرَهُ الهِيامُ

فَباتَ يُصَعِّدُ الزَفَراتِ وَجداً

وَإِمّا ناحَ أَسعَدَهُ الحِمامُ

تَعَوَّدَ جِسمُهُ الأَسقامَ حَتّى

لَيَحذَرُ أَن يُزايِلَهُ السَقامُ

وَأَغرى جَفنَهُ بِالسُهدَ حَتّى

لِيُشفِقَ أَن يُطيفَ بِهِ المَنامُ

تَجَمَّعَتِ الهُمومُ عَلَيهِ تَترى

كَما اِجتَمَعَت عَلى الماءِ السُوامُ

وَأَعوَزَهُ عَلى البَلوى مُعينٌ

وَأَعوَزَ لَيلَهُ القَمَرُ التَمامُ

فَضاقَ فُؤادُهُ بَِلهَمِّ ذَرعاً

وَضاقَ بِهَمِّهِ وَبِهِ الظَلامُ

كَأَنَّ نُجومَهُ أَجفانُ باكٍ

كَأَنَّ اللَيلَ صَبٌّ مُستَهامُ

أَبا الأَقمارِ ما بي فَهِيَ مِثلي

تُحاوِلُ أَن تَنامَ فَلا تَنامُ

أَبَت إِلّا السُكوتَ وَبِتُّ أَشكو

وَأَنّى يَصحَبُ الوَجدَ اِكتِتامُ

وَلَيسَ بِنافِعي مِنها سُكوتٌ

وَلَيسَ بِنافِعِ الشُهبِ الكَلامُ

كَأَنّي قارِئٌ وَاللَيلُ سِفرٌ

لَهُ بَدءٌ وَلَيسَ لَهُ خِتامُ

كَذكَ الهَمُّ أَعسَرُ ما تَراهُ

إِذا سَكَتَ الدُجى وَغَفى الأَنامُ

تَحُنُّ إِلى بِلادِ الشامِ نَفسي

أَقطُرَ الشامِ حَيّاكِ الغَمامُ

وَما غَيرُ الشَآمِ وَساكِنيهِ

لَبانَتنا وَإِن بَعدَ الشَآمُ

وَلَولا أَن في مِصرَ مُقامي

لَعَمرُ أَبيكَ ما طالَ المُقامُ

مَضى عامٌ عَلَيَّ بِأَرضِ مِصرٍ

وَذا عامٌ وَسَوفَ يَجيءُ عامُ

وَما مِصرُ الَّتي مَلَكَت فُؤادي

وَلَكِن أَهلُها قَومٌ كِرامُ

وِدادُهُم عَلى الأَيّامِ باقٍ

وَجارُهُم عَزيزٌ لا يُضامُ

وَمِن أَخلاقِهِم لينُ الحُمَيّا

إِذا اِنتَسَبَت إِلى اللينِ المُدامُ

وَتُبصِرُ في صُدورِهِم أَناةً

إِذا الأَحلامُ طاعَ بِها الخِصامُ

أَبَت إِلّا عِنادُهُم اللَيالي

فَما يَإِسوا الغَداةَ وَلا اِستَناموا

يَوَدُّ الطامِعونَ بِأَرضِ مِصرٍ

لَو أَنَّهُم بِها أَبَداً أَقاموا

فَلا عَجَبٌ إِذا خَفَروا ذِماماً

شَديدُ البَطشِ لَيسَ لَهُ ذَمامُ

نُلامُ عَلى الكَلامِ وَقَد أَصَبنا

وَقَد ضَلّوا الصَوابَ فَلا يُلاموا

أَقانوناً قُيودُهُمُ تُسَمّى

إِذا قَد أَنَّثَ الرَجُلَ اللِثامُ

إِلى ما تُمنَعُ الدُستورَ مِصرٌ

وَقَد كادَت تَفوزُ بِهِ سِيامُ

بَني مِصرَ عَلى الأَحداثِ صَبراً

فَقَبلَ الصَحوِ يَجتَمِعُ الغَمامُ

وَلا يَلحَقُ بِكُم ضَجَرٌ فَإِنّي

رَأَيتُ الظُلمَ لَهُ دَوامُ

فَإِنَّ اللَيلَ يَعقُبُهُ صَباحٌ

وَإِنَّ الحَربَ آخِرُها سَلامُ

أَلا أَيُّها الباكي فَدَيتُكَ باكِياً /ايليا ابو ماضي


أَلا أَيُّها الباكي فَدَيتُكَ باكِياً

عَلامَ وَفيما تَستَحِثُّ المَآقِيا

رُوَيدَكَ ما أَرضى لَكَ الحُزنَ خِلَّةً

وَهَيهاتَ أَن أَرضاكَ بِالحُزنِ راضِيا

يُعَنِّفُني مَن كُنتُ أَدعوهُ صاحِباً

فَما اِنفَكَّ حَتّى بِتُّ أَدعوهُ لاحِيا

دَعَوتُ لِرَبّي أَن دَعانِيَ لائِمٌ

وَلَم أُعصِهِ أَن لا يُجيبَ دُعائِيا

لَقَد أَرخَصَ العُذّالَ عِندِيَ قَولُهُم

إِذا هَمَتِ العَينانُ أَرخَصتُ غالِيا

أَأَمنَعُ ماءَ ما يَروي أَخا صَدىً

وَقَد كُنتُ لا أَحمي المَناهِلَ صادِيا

عَلَيَّ البُكا وَالنَوحُ ضَربَةُ لازِبٍ

وَإِنّي لَأَبكي أَنَّني لَستُ باكِيا

وَكَيفَ اِرتِياحي بَعدَ هِندٍ وَبَينَنا

مَهامِهُ لا تُلقى بِها الريحُ هادِيا

يَظَلُّ بِها السَرحانُ يَعوي مِنَ الطَوى

نَهاراً وَيَطوي لَيلَهُ الخَوفُ طاوِيا

لَقَد كُنتُ أَخشى أَن يُفَرِّقَ بَينَنا

فَأَصبَحتُ أَخشى اليَومَ أَن لا تَلاقِيا

فَيا مَن لِقَلبٍ لا تَنامُ هُمومُهُ

وَيا مَن لِعَينٍ لا تَنامُ اللَيالِيا

رَأَيتُ اللَيالي ما تَزالُ تَروعُني

بِأَحداثِها ما لِلَّيالي وَما لِيا

وَلَم يَبقَ عِندَ الدَهرِ خَطبٌ أَخافُهُ

فَكَيفَ اِعتِذارُ الدَهرِ إِن رُحتُ شاكِيا

إِذا لَم تَكُن لِيَ آسِياً أَو مُؤاسِيا

فَلا تَكُ لَوّاماً وَذَرني وَما بِيا

فَإِنّي رَأَيتُ اللَومَ يُذكي صَبابَتي

كَذاكَ عَهِدتُ الزِندَ بِالقَدحِ راوِيا

أَلا حَبَّذا مِن سالِفِ العَيشِ ما مَضى

وَيا حَبَّذا لَو كانَ يَرجِعُ ثانِيا

زَمانٌ كَقَلبِ الطِفلِ صافٍ وَكَالمُنى

لَذيذٌ وَلَكِن كانَ كَالحِلمِ فانِيا

أَحِنُّ إِلَيهِ في العَشِيِّ وَفي الضُحى

حَنينَ غَريبٍ جائَهُ الشَوقُ داعِيا

وَأَذكُرُهُ ذِكرى العَجوزِ شَبابَها

وَأَبكي لَدى ذِكراهُ أَحمَرَ قانِيا

وَلَولا أُمورٍ في الفُؤادِ أَسُرُّها

جَعَلتُ عَلَيهِ الدَهرَ وَقفاً لِسانِيا

خَليلَيَّ أَعوامُ السُرورِ دَقائِقٌ

وَأَيّامُهُ كادَت تَكونُ ثَوانِيا

وَأَجمَلُ أَيّامِ الفَتى زَمَنُ الصِبى

وَخَيرُ الصِبا ما كانَ في الحُبِّ نامِيا

رَعى اللَهُ أَيّامي الَّتي قَد أَضَعتُها

فَكُنتُ كَأَنّي قَد أَضَعتُ فُؤادِيا

لَيالِيَ لا هِندُ تُصَدِّقُ واشِياً

وَلا هِيَ تَخشى أَن أُصَدِّقَ واشِيا

وَيا طالَما بِتنا وَلا ثالِثَ لَنا

سِوى الراحِ نُدنيها فَتُدني الأَمانِيا

وَدارُ حَديثُ الحُبِّ بَيني وَبَينَها

فَطَوراً مُناجاةً وَطَوراً تَشاكِيا

أَلَم تَرَ أَنّي قَد نَظَمتُ حَديثَها

لَآلِئَ غَنّاها الرُواةُ قَوافِيا

تَوَلّى زَمانُ اللَهوِ كَالطَيفِ في الكَرى

فَلَستَ تَراني بَعدَهُ الدَهرَ لاهِيا

سَإِمتُ لَذاذاتِ الحَياةِ جَميعَها

وَلَو رَضِيَت هِندُ سَإِمتُ شَبابِيا

سَلامٌ عَلى هِندٍ وَإِن فاتَ مِسمَعي

سَلامُ الَّتي أُهدي إِلَيها سَلامِيا

تَرى عِندَها أَنّي عَلى العَهدِ ثابِتٌ

وَإِن يَكُ هَذا البَينُ أَوهى عِظامِيا

فَوَاللَهِ ما أَخشى الحِمامَ عَلى النَوى

وَلَكِنَّني أَخشى خُلودِيَ نائِيا

الأربعاء، 21 سبتمبر 2022

كفى بمقامي في ســــرنديب غربة/البارودي

 قصيدة سرنديب للشاعر محمود سامي البارودي نقلتها لكم :


كفى بمقامي في ســــرنديب غربة ....... نزعت بها عنـــي ثياب العلائـــقِ
ومن رام نيل العزّ فليصطبر على......... لقاء المنايا واقتــــحام المضايــــــقِ
فإن تكــن الأيام رنّـقْـــن مشربــي ......وثلّمْـن حدّي بالخُطُـــــوب الطّوارقِ
فما غيّرتني محْنةُ عن خليقتـــــي ......ولا حوّلتني خُــدْعـــــةُ عن طرائقـي
ولكنّنــي باقٍ على ما يســـــــرٌني ..... ويُغضب أعدائي ويُرضــي أصادقي
فحســرةُ بعدي عن حبيبٍ مُصادق ..... كفرحة ِ بُعــــدي عن عدوِ مُمَــاذِ قِِ
فتلك بهـــــذي والنًجاة غنيمـــــــةُ ...... من الناس , والدنيا مكيدة حـــــــاذقِ
ألا أيــــها الـــــزّاري عليّ بجـهله......ولم يدرِ أنّـــي دُرًةُ في المفـــــــارقِ
تعـــزّ عن العليــاءِ باللؤم واعتزل..... فإنً العُــلا ليســتْ بلغــــو المناطقِ
فما أنا ممّنْ تقبل الضيْم نفســـــــه ..... ويرضى بما يرضــــى به كل مائقِ
إذا المرء لم ينهضْ بما فيه مجدُهـ.... قضى وهو كَلٌ في خُـــــدُورِ العوائقِ
وأيٌ حيــــــــاةٍ إنْ تنكًرَتْ ..... له الحال لم يعقــــــــدْ سيُور المناطقِ
فما قذفاتُ العِــــــــــزْ إلّاـ لماجـد.....إذا هَمّ جــــــــــلّى عزمــه كلّ غاسقِ
يقول أُناسُ : إنني ثُــرْتُ خالعــاً.... وتلك هَنــــاتُ لم تكْــــن من خلائقـــي
ولكنني نــــاديْتُ بالـعدلِ طالبــاً ..... رضا اللهِ واستنهضْتُ أهل الحقائـــقِ
أمرتُ بمعروفِ وأنكرْتُ مُنكَرا..... وذلك حكـــــمٌ في رقاب الخلائــــــــقِ

أَهاجَكَ مِن أَسماءَ رَسمُ المَنازِلِ/النابغة

 

أَهاجَكَ مِن أَسماءَ رَسمُ المَنازِلِ

بِرَوضَةِ نُعمِيٍّ فَذاتِ الأَجاوِلِ

أَرَبَّت بِها الأَرواحُ حَتّى كَأَنَّما

تَهادَينَ أَعلى تُربِها بِالمَناخِلِ

وَكُلُّ مُلِثٍ مُكفَهِرٍ سَحابُهُ

كَميشِ التَوالي مُرثَعِنَّ الأَسافِلِ

إِذا رَجَفَت فيهِ رَحىً مُرجَحِنَّةٌ

تَبَعَّقَ ثَجّاجٌ غَزيرُ الحَوافِلِ

عَهِدتُ بِها حَيّاً كِراماً فَبُدِّلَت

خَناطيلَ آجالِ النِعامِ الجَوافِلِ

تَرى كُلَّ ذَيّالٍ يُعارِضُ رَبرَباً

عَلى كُلِّ رَجّافٍ مِنَ الرَملِ هائِلِ

يُثِرنَ الحَصى حَتّى يُباشِرنَ بَردَهُ

إِذا الشَمسُ مَجَّت ريقَها بِالكَلاكِلِ

وَناجِيَةٍ عَدَّيتُ في مَتنِ لاحِبٍ

كَسَحلِ اليَماني قاصِدٍ لِلمَناهِلِ

لَهُ خُلُجٌ تَهوي فُرادى وَتَرعَوي

إِلى كُلِّ ذي نيرَينِ بادي الشَواكِلِ

وَإِنّي عَداني عَن لِقائِكِ حادِثٌ

وَهَمٌّ أَتى مِن دونِ هَمَّكِ شاغِلُ

نَصَحتُ بَني عَوفٍ فَلَم يَتَقَبَّلوا

وَصاتي وَلَم تَنجَح لَدَيهِم وَسائِلي

فَقُلتُ لَهُم لا أَعرِفَنَّ عَقائِلاً

رَعابيبَ مِن جَنبَي أَريكٍ وَعاقِلِ

ضَوارِبَ بِالأَيدي وَراءَ بَراغِزٍ

حِسانٍ كَآرامِ الصَريمِ الخَواذِلِ

خِلالَ المَطايا يَتَّصِلنَ وَقَد أَتَت

قِنانُ أَبيرٍ دونَها وَالكَوائِلِ

وَخَلّوا لَهُ بَينَ الجِنابِ وَعالِجٍ

فِراقَ الخَليطِ ذي الأَذاةِ المُزايِلِ

وَلا أَعرِفَنّي بَعدَما قَد نَهَيتُكُم

أُجادِلُ يَوماً في شَوِيٍّ وَجامِلِ

وَبيضٍ غَريراتٍ تَفيضُ دُموعُها

بِمُستَكرَهٍ يُذرينَهُ بِالأَنامِلِ

وَقَد خِفتُ حَتّى ما تَزيدُ مَخافَتي

عَلى وَعِلٍ في ذي المَطارَةِ عاقِلِ

مَخافَةَ عَمروٍ أَن تَكونَ جِيادُهُ

يُقَدنَ إِلَينا بَينَ حافٍ وَناعِلِ

إِذا اِستَعجَلوها عَن سَجِيَّةِ مَشيها

تَتَلَّعُ في أَعناقِها بِالجَحافِلِ

شَوازِبَ كَالأَجلامِ قَد آلَ رِمُّها

سَماحيقَ صُفراً في تَليلٍ وَفائِلِ

وَيَقذِفنَ بِالأَولادِ في كُلِّ مَنزِلٍ

تَشَحَّطُ في أَسلائِها كَالوَصائِلِ

تَرى عافِياتِ الطَيرِ قَد وَثِقَت لَها

بِشَبعٍ مِنَ السَخلِ العِتاقِ الأَكائِلِ

يَرى وَقَعُ الصَوّانِ حَدَّ نُسورِها

فَهُنَّ لِطافٌ كَالصِعادِ الذَوابِلِ

مُقَرَّنَةً بِالعيسِ وَالأُدمِ كَالقَنا

عَلَيها الخُبورُ مُحقَباتُ المَراجِلِ

وَكُلُّ صَموتٍ نَثلَةٍ تُبَّعِيَّةٍ

وَنَسجُ سُلَيمٍ كُلَّ قَضّاءَ ذائِلِ

عُلينَ بِكِديَونٍ وَأُبطِنَّ كَرَّةً

فَهُنَّ وِضاءٌ صافِياتُ القَلائِلِ

عَتادُ اِمرُؤٍ لا يَنقُضُ البُعدُ هَمَّهُ

طَلوبُ الأَعادي واضِحٌ غَيرُ خامِلِ

تَحينُ بِكَفَّيهِ المَنايا وَتارَةً

تَسُحّانِ سَحّاً مِن عَطاءٍ وَنائِلِ

إِذا حَلَّ بِالأَرضِ البَريَّةِ أَصبَحَت

كَئيبَةَ وَجهٍ غِبُّها غَيرُ طائِلِ

يَؤُمَ بِرِبعِيٍّ كَأَنَّ زُهائَهُ

إِذا هَبَطَ الصَحراءَ حَرَّةُ راجِلِ

أَلَم تَرَ أَنَّ اللَهَ أَعطاكَ سورَةً تَرى كُلَّ مَلكٍ دونَها يتذبذب /النابغة الذبياني [ لسان المعاني]

 أَتاني أَبَيتَ اللَعنَ أَنَّكَ لِمتَني

وَتِلكَ الَّتي أُهتَمُّ مِنها وَأَنصَبُ

 

فَبِتُّ كَأَنَّ العائِداتِ فَرَشنَني
هَراساً بِهِ يُعلى فِراشي وَيُقشَبُ

 

حَلَفتُ فَلَم أَترُك لِنَفسِكَ رَيبَةً
وَلَيسَ وَراءَ اللَهِ لِلمَرءِ مَذهَبُ

 

لَئِن كُنتَ قَد بُلِّغتَ عَنّي خِيانَةً
لَمُبلِغُكَ الواشي أَغَشُّ وَأَكذَبُ

 

وَلَكِنَّني كُنتُ اِمرَأً لِيَ جانِبٌ
مِنَ الأَرضِ فيهِ مُستَرادٌ وَمَذهَبُ

 

مُلوكٌ وَإِخوانٌ إِذا ما أَتَيتُهُم
أُحَكَّمُ في أَموالِهِم وَأُقَرَّبُ

 

كَفِعلِكَ في قَومٍ أَراكَ اِصطَنَعتَهُم
فَلَم تَرَهُم في شُكرِ ذَلِكَ أَذنَبوا

 

فَلا تَترُكَنّي بِالوَعيدِ كَأَنَّني
إِلى الناسِ مَطلِيٌّ بِهِ القارُ أَجرَبُ

 

أَلَم تَرَ أَنَّ اللَهَ أَعطاكَ سورَةً
تَرى كُلَّ مَلكٍ دونَها يَتَذَبذَبُ

 

فَإِنَّكَ شَمسٌ وَالمُلوكُ كَواكِبٌ
إِذا طَلَعَت لَم يَبدُ مِنهُنَّ كَوكَبُ

 

وَلَستَ بِمُستَبقٍ أَخاً لا تَلُمَّهُ
عَلى شَعَثٍ أَيُّ الرِجالِ المُهَذَّبُ

 

فَإِن أَكُ مَظلوماً فَعَبدٌ ظَلَمتَهُ
وَإِن تَكُ ذا عُتبى فَمِثلُكَ يُعتِبُ

         


         مواضيع اخریٰ

 كلينِ لهم يااميمة/النابغة





                   ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

                       لسان المعاني

                  

كِــليــنــي لِهَــمٍّ يـا أُمَـيـمَـةَ نـاصِـبِ/النابغة الذبياني

 كِــليــنــي لِهَــمٍّ يـا أُمَـيـمَـةَ نـاصِـبِ

وَلَيــلٍ أُقــاســيـهِ بَـطـيـءِ الكَـواكِـبِ
تَــطــاوَلَ حَــتّــى قُـلتُ لَيـسَ بِـمُـنـقَـضٍ
وَلَيــسَ الَّذي يَــرعـى النُـجـومَ بِـآئِبِ
وَصَـــدرٍ أَراحَ اللَيـــلُ عـــازِبُ هَـــمِّهِ
تَـضـاعَـفَ فـيـهِ الحُـزنُ مِـن كُـلِّ جانِبِ
عَــلَيَّ لِعَــمــروٍ نِـعـمَـةٌ بَـعـدَ نِـعـمَـةٍ
لِوالِدِهِ لَيــــسَـــت بِـــذاتِ عَـــقـــارِبِ
حَــلَفـتُ يَـمـيـنـاً غَـيـرَ ذي مَـثـنَـوِيَّةٍ
وَلا عِــلمَ إِلّا حُــســنُ ظَــنٍّ بِــصـاحِـبِ
لَئِن كــانَ لِلقَــبــرَيــنِ قَـبـرٍ بِـجِـلَّقٍ
وَقَــبــرٍ بِـصَـيـداءَ الَّذي عِـنـدَ حـارِبِ
وَلِلحـــارِثِ الجَـــفــنِــيَّ سَــيِّدِ قَــومِهِ
لَيَـلتَـمِـسَـن بِـالجَـيـشِ دارَ المُـحارِبِ
وَثِـقـتُ لَهُ بِـالنَـصرِ إِذ قيلَ قَد غَزَت
كَــتــائِبُ مِــن غَــسّــانَ غَــيـرُ أَشـائِبِ
بَـنـو عَـمِّهـِ دُنـيـا وَعَـمـروُ بنُ عامِرٍ
أولَئِكَ قَــومٌ بَــأسُهُــم غَــيــرُ كــاذِبِ
إِذا مـاغَـزوا بِـالجَـيـشِ حَـلَّقَ فَوقَهُم
عَــصــائِبُ طَــيــرٍ تَهــتَــدي بِــعَـصـائِبِ
يُـصـاحِـبـنَهُـم حَـتّـى يُـغِـرنَ مُـغـارَهُـم
مِــنَ الضـارِيـاتِ بِـالدِمـاءِ الدَوارِبِ
تَـراهُـنَّ خَـلفَ القَـومِ خُـزراً عُـيونُها
جُـلوسَ الشُـيـوخِ فـي ثِـيـابِ المَرانِبِ
جَــوانِــحَ قَــد أَيــقَــنَّ أَنَّ قَــبــيــلَهُ
إِذا مـا اِلتَـقى الجَمعانِ أَوَّلُ غالِبِ
لَهُــنَّ عَــلَيــهِـم عـادَةٌ قَـد عَـرَفـنَهـا
إِذا عُــرِّضَ الخَــطِّيــُّ فَــوقَ الكَـواثِـبِ
عَــلى عــارِفــاتٍ لِلطِــعــانِ عَــوابِــسٍ
بِهِــــنَّ كُـــلومٌ بَـــيـــنَ دامٍ وَجـــالِبِ
إِذا اِستُنزِلوا عَنهُنَّ لِلطَعنِ أَرقَلوا
إِلى المَوتِ إِرقالَ الجِمالِ المَصاعِبِ
فَهُــم يَـتَـسـاقَـونَ المَـنـيَّةـَ بَـيـنَهُـم
بِــأَيــديــهِـمُ بـيـضٌ رِقـاقُ المَـضـارِبِ
يَـطـيـرُ فُـضـاضـاً بَـيـنَهـا كُـلُّ قَـونَـسٍ
وَيَـتـبَـعَهـا مِـنـهُـم فَـراشُ الحَـواجِـبِ
وَلا عَـيـبَ فـيـهِـم غَـيـرَ أَنَّ سُـيوفَهُم
بِهِــنَّ فُــلولٌ مِــن قِــراعِ الكَــتــائِبِ
تُــوُرَّثــنَ مِــن أَزمــانِ يَـومِ حَـليـمَـةٍ
إِلى اليَـومِ قَـد جُـرِّبـنَ كُلَّ التَجارِبِ
تَــقُــدَّ السَــلوقِـيَّ المُـضـاعَـفَ نَـسـجُهُ
وَتــوقِـدُ بِـالصُـفّـاحِ نـارَ الحُـبـاحِـبِ
بِــضَـربٍ يُـزيـلُ الهـامَ عَـن سَـكِـنـاتِهِ
وَطَــعـنٍ كَـإيـزاغِ المَـخـاضِ الضَـوارِبِ
لَهُـم شـيـمَـةٌ لَم يُعطِها اللَهُ غَيرَهُم
مِـنَ الجـودِ وَالأَحـلامُ غَـيـرُ عَـوازِبِ
مَـــحَـــلَّتُهُـــم ذاتُ الإِلَهِ وَديـــنُهُــم
قَـويـمٌ فَـمـا يَـرجـونَ غَـيـرَ العَواقِبِ
رِقــاقُ النِــعــالِ طَــيِّبــٌ حُــجُـزاتُهُـم
يُـحَـيّـونَ بِـالريـحـانِ يَـومَ السَـباسِبِ
تُــحَــيّهِــمُ بَــيــضُ الوَلائِدِ بَــيـنَهُـم
وَأَكـسِـيَـةُ الإِضـريـجِ فَـوقَ المَـشـاجِبِ
يَـصـونـونَ أَجـسـاداً قَـديـمـاً نَعيمُها
بِـخـالِصَـةِ الأَردانِ خُـضـرِ المَـنـاكِـبِ
وَلا يَـحـسَـبـونَ الخَـيـرَ لا شَرَّ بَعدَهُ
وَلا يَــحــسِــبـونَ الشَـرَّ ضَـربَـةَ لازِبِ
حَـبَـوتُ بِهـا غَـسّـانَ إِذ كُـنـتُ لاحِـقاً
بِــقَـومـي وَإِذ أَعـيَـت عَـلَيَّ مَـذاهِـبـي

وَمَكارِمي عَدَدُ النُجومِ وَمَنزِلي /ابو فراس الحمداني

 

غَيري يُغَيِّرُهُ الفَعالُ الجافي

وَيَحولُ عَن شِيَمِ الكَريمِ الوافي

لا أَرتَضي وُدّاً إِذا هُوَ لَم يَدُم

عِندَ الجَفاءِ وَقِلَّةِ الإِنصافِ

تَعِسَ الحَريصُ وَقَلَّ ما يَأتي بِهِ

عِوَضاً مِنَ الإِلحاحِ وَالإِلحافِ

إِنَّ الغَنِيَّ هُوَ الغَنِيُّ بِنَفسِهِ

 وَلَوْ أَنَّهُ عاري المَناكِبِ حافِ

ماكُلُّ مافَوقَ البَسيطَةِ كافِياً

فَإِذا قَنِعتَ فَكُلُّ شَيءٍ كافِ

وَتَعافُ لي طَمَعَ الحَريصِ أُبُوَّتي

وَمُروءَتي وَقَناعَتي وَعَفافي

ماكَثرَةُ الخَيلِ الجِيادِ بِزائِدي

شَرَفاً وَلا عَدَدُ السَوامِ الضافي

خَيلي وَإِن قَلَّت كَثيرٌ نَفعُها

بَينَ الصَوارِمِ وَالقَنا الرَعّافِ

وَمَكارِمي عَدَدُ النُجومِ وَمَنزِلي

مَأوى الكِرامِ وَمَنزِلُ الأَضيافِ

لا أَقتَني لِصُروفِ دَهري عُدَّةً

حَتّى كَأَنَّ صُروفُهُ أَحلافي

شِيَمٌ عُرِفتُ بِهِنَّ مُذ أَنا يافِعٌ

وَلَقَد عَرَفتُ بِمِثلِها أَسلافي